ما هو أخطر على حياة الإنسان – التيار الثابت أم المتردد
هذا السؤال طرح في إحدى المشاركات لأحد الإخوة وقد تم الإستطراد بالمشاركات وإبداء الآراء إلى أبعد الحدود حتى بدى الموضوع وكأنه قضية إستفتاء شعبي عام حول موضوع إجتماعي ، وقد استغربت أن العديد من الإخوة قد أبدوا آراءهم بطريقة تبتعد عن أسلوب الطرح العلمي، إذ يقول أحدهم : رأيي أن DC أخطر من AC ، ويقول آخر أعتقد أن .... ، وآخر أظن أن ..... ، وقد تعدى الكثير إلى حد تشبيهات غريبة ، بل إن أغرب طرح قرأته هو قول أحدهم بأنه يحمل شهادة الدكتوراه ولديه القول الفصل ، وقام بتشبيه التيار الثابت والمستمر بوضع الرأس في الماء، وذكر أن وضع رأس شخص في الماء لفترة طويلة هي خطرة جدا بينما وضع الرأس ورفعه للحظات حتى يتنفس الشخص هي أقل خطورة ولذلك فقد ذكر أن التيار المستمر أخطر (حسب إدعاءه) ، وهذا القول قمة في الغرابة إذ يوحي بأن هذا الأخ الكريم قد أنهى الدكتوراه في إحدى سجون التعذيب وليس في الهندسة الكهربائية ، وقد استطرد بالمغالطة وذكر في رده أخطاء كثيرة مثل أن الخطورة تكمن في الجهد وليس في التيار، وكذلك أدخل قانون نيوتن في بيولوجيا جسم الإنسان والكهرباء ، وقام بوصف الجهد بإعطاءه تعريف جديد غريب عجيب هو (شدة القوة الكهربائية المسلطة)!! وفي النهاية طلب من الجميع التوقف عن النقاش وتعقيد الأمور لأنه هو الذي أعطى القول الفصل النهائي الذي يضع حدا لهذا النقاش !!!!!،
وكذلك فقد أبدى بعض الإخوة الآخرين آراءا تتنافى حتى مع القوانين الأساسية للكهرباء، مثل الذي ذكر مثال وهو أن بطارية السيارة 12 فولت وتعطي 70 أمبير ، وماكينة اللحام تعطي أمبير عالي ولكن كلاهم لا يكهرب (أي أن الفولتية فيهما منخفضة والتيار عالي ولذلك فهما لا يكهربان ... إذا الفولتية هي الخطرة وليس التيار ) وهذا الرأي فيه سوء فهم للأسس الكهربائية .
ولكن هذا لا يتعارض بأن بعض الأخوة قد قامو بالطرح العلمي مثل الأخ seeko2006 مشكورا ، والذي دعم رأيه بأحد المراجع العلمية (قمت بإعادة تضمينها في هذا المقال)، والأخ الرايق911 ، والإقتباس الذي قدمه الأخ Fahad Al Wehebi ، والإقتباس الذي قدمه barznjy ، والرأي الذي قدمه الأخ إياد يوسف ، إضافة إلى إخوة آخرين أبدوا آراءا علمية قريبة إلى الصحة.
أيها الإخوة الأعزاء ، هذا المنتدى منتدى علمي رائع بل أشبهه بالصرح العلمي في العالم العربي، ولذلك علينا أن تحترم عقول الأعضاء والزوار، وأن لا ندخل بالأقوال الظنية، وبالتالي نضيع الوقت في القراءة بدون طائل، فمن يطرح رأيا عليه أن يكون مستندا إلى إحدى المرجعيات التالية:
- أن يستدل بإحدى المراجع أو المقالات العلمية
- أن يثبت رأيه بإحدى الثوابت والنظريات العلمية
- أن يلجأ إلى التجارب والإختبارات، سواء التي يقوم بها بنفسه أو التي ينقلها عن الآخرين.
- أن يكون قوله ناتجا عن الخبرات والتجارب السابقة لديه.
- أو أن يكون مستندا إلى المعلومات العلمية لديه والتي يجب أن لا يكون فيها شك.
أما أن نضيع الوقت بقول أعتقد وأظن وأرى وبرأيي ، فهذا الأمر مخالف للمنهج العلمي، إلا إذا كان هدفنا إجراء إستفتاء لمعرفة ما هو الظن العام، فالرأي الشرعي في الإسلام يعود إلى (من أفتى بغير علم فقد كفر) وهذا الأمر شبيه به، أما الذي يشبه الكهرباء بالماء وبالمطرقة ويطبق قوانين في غير موضعها مثل تطبيق قانون نيوتن على الحالة النفسية وغير ذلك ، فكل هذا مثل الذي يقوم بالترجمة الحرفية من الإنجليزي إلى العربي فيكتشف أن الترجمة كانت خاطئة، فالكهرباء لغة ، والميكانيك لغة، والكيمياء لغة، والبيولوجيا لغة، وكل لغة لها مقوماتها حتى لو تشابهت في كثير من الأمور، فمن الخطأ الترجمة في لغة إلى بعد فهم هذه اللغة.
أقدم لكم بحثي التالي في هذا الموضوع والذي يتضمن أيضا تصويبا لبعض الآراء التي طرحت في النقاش::
- إلى الإخوة الذين قالوا بأن التيار المتردد آمن لأن الإنسان يستطيع تحرير نفسه عند وصول قيمة التيار إلى صفر أقول: اللمبة العادية Incandescent lamp تطفئ 50 مرة في الثانية ، فهل يستطيع أحدكم أن يلحظ بأنها تطفئ؟ ، المثال التالي: لو قام أحدهم بضربك على كف يدك بشكل خاطف سريع ولحظي وأنت مغمض عينيك ، فكم هو الزمن الذي تحتاجه كي تستجيب لهذه الضربة، هل هو 0.001 من الثانية ، لا أعتقد ذلك والتجارب تثبت ذلك، فزمن جزء بسيط من الميلي ثانية ليس كافيا للإستجابة العصبية للعضلات.
- هنالك العديد من المصطلحات التي كثيرا ما نسمعها:
o التيار المستمر أو المباشر Direct Current (DC)
o التيار المتردد أو المتبدل أو المتذبذب أو المتناوب Alternating Current (AC)
o التيار المتغير Variable Current
o التيار الثابت أو المنتظم Constant Current
أما التيار المستمر أو المباشر Direct Current وهذا التيار يتحرك بإتجاه واحد، أما التيار المتغير فهذا التيار هو مستمر ولكن قيمته تتغير ولكن بدون المرور بالصفر أي أنه يتحرك بإتجاه واحد وليس إتجاهين ،أما التيار المتردد فهو تيار متغير ويتحرك بالإتجاهين وبالتالي يمر بالقيمة صفر، وما يختلف في هذا التيار هو قيمة التردد أو الذبذبة، وشكل الموجة.
- نريد أن نثبت للمقارنة بأن حديثنا حول التيار المتردد ذو الشكل الجيبي، وبالنسبة للتيار المستمر ذو القيمة الثابتة (ليست متغيرة) ، وهنا سوف نجري المقارنة.
- عندما نقول أن لدينا فولتية مترددة قيمتها 220 فولت ، فهذا يعني أن قيمة RMS هي 220 فولت وليس القيمة القصوى Peak أو قمة الموجة.
- بطارية السيارة 12 فولت ، وعندما نقوم بقصر القطبين فقد تعطي 70 أمبير أو أكثر ، ولكن عندما نقوم بمسك القطبين باليد المجردة فإن التيار المار في الجسم لا يتعدى جزء من الميلي أمبير ولا نشعر به إطلاقا ، عندا قمنا بقصر القطبين (short circuit) فإن المقاومة قريبة من الصفر بينما في حالة المسك باليد فإن مقاومة جسم الإنسان (مع الجلد) هي ما بين 5000 إلى 100000 أوم معتمدة على عوامل مختلفة ،(معدل مقاومة الجسم بدون الجلد هي 1000 أوم) الآن إحسب التيار عن طريق قانون أوم – بسيطة أليس كذلك؟ .
- من النقطة السابقة نستنتج أنه لو كانت مقاومة جسم الإنسان مثل مقاومة السلك النحاسي لتفحم الإنسان تماما عند لمسه أقطاب بطارية 12 فولت، فسبحان الله.
- عندما نذكر أن تيار بطارية هو 70 أمبير فالمقصود هو سعة البطارية (70 AH) وليس أقصى تيار ممكن أن تعطيه البطارية ، ولكن عند قراءة مواصفات البطارية فيذكر عادة تيار القصر ، أي أقصى تيار تعطيه البطارية عند قصر أقطابها.
- عندما نلمس مشط يحمل شحنات كهربائية ، أو نلمس يد باب السيارة وهو مشحون، فإننا نشعر بلسعة، هذه اللسعة ناتجة عن فولتية تصل أحيانا إلى مئات الآلاف ، بل إلى الملايين ، ولكن إذا كانت الفولتية هي التي تصعق، فلماذا لم يحصل شئ عند لمس المشط ، الجواب هو أنه مع هذه الفولتية لم يخترق جسمنا تيار يذكر لان المصدر ليس قادر على إعطاء تيار، ولكن لو كان هذا المصدر هو على خط ضغط عالي فإن النتيجة مأساوية .
- من خلال النقطة السابقة يتضح أن التيار المار في الجسم هو الذي يسبب الخطورة وليس الفولتية ، ولكن ما الذي يتسبب بالتيار في الجسم ، المتسبب بالتيار هما عاملين فقط حسب قانون أوم ألا وهما مقاومة الجسم وقيمة الفولتية أو بتعبير أصح فرق الفولتية، لأن الفولتية بحد ذاتها غير خطيرة ولكن لو وضعنا الجسم بفرق جهد (بين السلك والأرض أو بين قطبين) فهنا تكمن الخطورة ، وهذا يفسر لماذا تقف الطيور على سلك الضغط العالي بدون ان تصاب بأذى.
- ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل هنالك خطورة من نفس الجهد؟ ، الإجابة أن الخطورة الوحيدة هي في مسألة إنهيار العازلية Insulation Breakdown ، فجسم الإنسان له مقاومة، وجلد الإنسان له مقاومة أعلى من الأجزاء الأخرى، ولكن جهد بقيمة 300 فولت قادرة على كسر هذه المقاومة، وبمعنى آخر تتسبب بحروق وتدمير للأنسجة مكان ملامسة السلك المكهرب.
- هل مقاومة الجسم ثابتة؟ بالطبع لا فهي تعتمد على عوامل عديدة جدا، منها:
o هل الشخص سمين أم نحيف
o هل يوجد في جسمه كمية من الشحوم (معروف أن الزيوت والشحوم ذات موصلية ضعيفة للتيار)
o يعتمد على نقاط التوصيل ، أي لمس الأقطاب (نعني بالأقطاب أي فاز-فاز ، أو فاز-نتر ، أو فاز إلى الأرض) ، فمن المعروف أن مقاومة الجلد مرتفعة وأعلى من مقاومة أنسجة العضلات ، فلو تم لمس الكهرباء مكان جرح في الجسم أو حصل الجرح نتيجة للحروق بعد الصعقة فإن مقاومة الجسم (المقاومة الكلية بين طرفي فرق الجهد) سوف تنخفض وبالتالي سبزداد التيار المار في الجسم.
o هل جلد الشخص رطب أم لا ، الرطوبة بسبب التعرق أو بسبب التعرض لوسط مائي، عندها ستكون مقاومة الجلد أقل وبالتالي سيكون التيار أعلى.
o سماكة طبقة الجلد.
o مكونات جسم الإنسان مثل الجلد ، الشحم ، الدم والسوائل ، الأنسجة العضلية ، العظم ، الأعصاب ، الأوتار ، كل هذه العناصر تلعب دورا في إختلاف مقاومة الجسم، هذه المكونات تختلف نسبها من شخص لآخر وبالتالي تختلف المقاومة.
o أود أن أنوه إلى نقطة معينة وهي أنه بعد فترة زمنية معينة وعند فولتية معينة فإنه يحصل ما يدعى Breakdown لطبقة الجلد، وبالتالي تنخفض المقاومة مباشرة ويرتفع التيار وتزداد الخطورة، (معروف أثر الفولتية في عملية Insulation breakdown (إنهيار العازلية)، ولذلك تستخدم عوازل ذات كفاءة عالية عند الفولتيات المرتفعة)، تذكر التجارب أن مقاومة الجلد تنهار Breakdown مباشرة على فولتية 300 فولت بغض النظر عن طبيعة الجلد وهل هو رطب أم جاف.
o تعتمد المقاومة على المسار في الجسم، مثلا قد تكون المقاومة بين يد واحدة وكلتا القدمين 1150 أوم ، وبين يدين إثنتين وكلتا القدمين 950 أوم.
o تعتمد مقاومة الجسم أيضا على فرق الجهد الذي يتعرض له الجسم، فمقاومة الجسم غير ثابتة، أي كلما عرضنا الجسم إلى فولتية أكبر فستنخفض المقاومة وفقا للمنحنى التالي (Chart 01)-: